الملك العادل فيصل وقطعه النفط عن الغرب

وماذا عن الملك العادل فيصل وقطعه النفط عن الغرب.. ؟!

يقول روبرت لسي في كتابه "المملكة من الداخل" الصفحة 154..ولا أقول قال سفر أو المسعري أو سعد الفقيه وانما القائل مؤرخ للعائلة الملكية السعودية ومطبل لها..

يقول..علنيا تصرف الملك فيصل بشكل غاضب عندما أعلن ايقاف العرب تصدير النفط عام 1973

لكن في الدوائر الخاصة كان الأمر مختلفا

- كانت العلاقات السعودية الأمريكية موجودة في العديد من الأصعدة

- كانت هناك أرامكو أكبر شركة استثمار خاصة في العالم

- أثناء فترة إيقاف النفط بقيت بعثتان عسكريتان أمريكيتان تقومان بتدريب الجيش السعودي والحرس الوطني والقوات الجوية

- ويقوم الملك وحاشيته باستخدام عائد البلاد النفطي الناتج من بيعه لدول غير الولايات المتحدة في تمويل نادي السفاري لخدمة المصالح الأمريكية في أفريقيا

عندما يتعلق الأمر بالنجاة عند الغرق فأين يمكن لآل سعود الحصول على مساعدة من غير أمريكا.. ؟

كما قال الملك فيصل للرئيس كينيدي

"بعد الله نحن نثق بالولايات المتحدة".

"المملكة من الداخل" ص154

انتهى كلامه

بعد الله أيضا يا فيصل .

وذكر الكسي فاسيليف في كتابه الملك فيصل "أنه في ظل توتر حاد على الجبهة المصرية الاسرائلية "أي في عز الحظر" " ..دعا وزير النفط أحمد زكي يماني السفير الأمريكي لقضاء إجازة العيد معه" !!! قطع النفط يا شباب .

بداية أرامكو كما هو معلوم هي شركة سعودية أمريكية خاصة بالنفط والغاز...أما نادي السفاري فهو عبارة عن منظمة استخباراتية تضم أمريكا وفرنسا والسعودية وايران ومصر والمغرب كان من مهامها قتال الشيوعيين أو أنصار السوفيات في افريقيا فساعدت سلطان عمان في اخماد ثورة ظفار وساندت حسين حبري في تشاد وموبوتو في زائير ومناهضة منجستو في اثيوبيا وكان رئيس الجيش المغربي ومدير المخابرات أحمد الدليمي هو مديرالجانب المغربي في المنظمة وخمنوا معي من كان مدير الجانب السعودي .

عدنان خاشقجي والذي قيل أنه اغتيل في لبنان شقيق جمال خاشقجي..ونادي السفاري هذا ينسب له الفضل في بدء عملية السلام التي أسفرت عن معاهدة السلام بين الصهاينة ومصر سنة 79 樂

يااااه الملك العادل فيصل يقطع النفط عن أمريكا لأنها تدعم اسرائيل..والتي لم تكن تستورد أصلا سوى 2 ٪ من احتياجاتها بخلاف دول اوربا واليابان التي كانت تستورد 80% ...وفي نفس الوقت فيصل هو أكبر ممول لنادي السفاري الاستخباراتي الذي توسط بل وصاغ مسودة توقيع معاهدة السلام.!!!!

مجرد مسرحية ولعبة يا صديقي.. ولن تستغرب اذا علمت أن فيصل هذا هو الذي جعل البترول يباع بالدولار..فيصل هذا هو من ساهم في سيطرة أمريكا على إقتصاد العالم الى يومنا هذا !! .

قصة قطع النفط أكبر خدعة خدعنا بها فراح المطبلون يحبكون التمثيليات وأن هنري كيسنجر طلب من فيصل وهو ذليل يرجوه أن يسمح بمليء خزان طائرته الخ .

أولا السعودية لم يكن عندها علم بموعد الحرب.. وغضبت من عبد الناصر في البداية لأنه أخفى عنها هذا

نشبت ثورة معارضة في السعودية بسبب موقف الملك فيصل ومعارضته ابتداء قطع النفط وخشي أن يسافر للسودان لحضور قمة عربية حتى لايفقد عرشه في السعودية.. واتهم عبد الناصر صراحة بأنه يعمل على الاطاحة به .

أرادت السعودية أن تأخذ موقفا وتستوعب الحدث.. حيث كان المندوب العراقي يقترح قطع النفط ووقف الانتاح نهائيا.. وهنا رفضت السعودية ووقعت مشادة بين المندوب السعودي والعراقي وانفضت الجلسلة ثم تم معاودة الاجتماع..فماذا قرروا؟ .

قرروا تخفيض الانتاج بنسبة 5% خمسة بالمائة فقط...والسعودية من جانبها خفضت الانتاج بنسبة 10% على أن تعاود المنظمة النظر في مسألة الانتاج بعد شهر فإذا لم تتخذ قررات في سبيل حل القضية"انسحاب اسرائيل" فيتم تخفيض الانتاج بنسبة مماثلة أي 5 ٪ في المائة أخرى وهكذا .

- ذكر ستيفان لاكروا في كتابه "زمن الصحوة" أن فيصل خاف من تعاظم قبضة عبد الناصر ونشره لأيدولوجية الوحدة العربية الاشتراكية متزعما لها...فلم يجد بدا من الاعتماد على الإسلام واستخدامه كايديولوجية معاكسة لصد هجوم ناصر" .

- أما العلماء السلفيون التقليديون فعجزوا عن الانخراط في الجهاز المناوئ لعبد الناصر.. لكن قامت شبكات الاخوان المهاجرة بهذا الدور خير قيام وأصبحوا قوام حركة الرفض السعودي لاشتراكية ناصر...وكانوا من قبل قد هاجروا للمملكة بأعداد متزايدة نتيجة القمع في مصر العبد الخاسر وسوريا والعراق .

وأتاح لهم فيصل وأغدق عليهم من الموارد ما لم يحلموا به..فأسسوا إذاعة "صوت الإسلام" للرد على إذاعة "صوت العرب" .

وإذا كان ملك السعودية "عميل الإمبريالية" فناصر هو "ستالين مصري" كما ردت الصحف في المملكة .

وتم تأسيس "الجامعة الإسلامية" في المدينة عام 1961 لتنافس "الأزهر" وأعلن الملك فيصل بأنه سيعتمد في تشغيل الجامعة على (أولئك الأفراد الذين أخرجوا من ديارهم بعد تعرضهم للسرقة والإساءة والتعذيب) في اشارة واضحة لأفراد الإخوان .

ونشأت أول شبكة تلفزيونية سعودية في عام 62 لتبدأ البث في عام 65 لإكمال المنافسة الدعائية

ثم تم إنشاء "رابطة العالم الإسلامي" في 1962 لمواجهة تأثير ناصر واحتواء انتشاره.. ومثلها رجلان سعيد رمضان ختن حسن البنا.. وكامل الشريف الأردني.. وضمت الرابطة أبا الأعلى المودودي وهو قريب من الإخوان أيضا .

وقام بالتدريس في الجامعة الاسلامية محمد المجذوب من سوريا وعلي جريشة من مصر.. وفي جامعة أم القرى ترأس محمد المبارك كلية الشريعة.. ودرس فيها علي الطنطاوي وعبد الرحمن حبنكة ومحمد قطب وسيد سابق ومحمد الغزالي.. وعبد الله عزام لفترة قصيرة.

وفي جامعة الإمام درس فيها مناع القطان ومحمد الراوي وعبد الفتاح أبو غدة وأبو الفتح البيانوني ومحمد الركابي الإخواني السوداني ومحمد سرور زين العابدين وسعيد حوى..وعلى أيدي هؤلاء تربى تيار الصحوة..سلمان وسفر والدويش والقرني وغيرهم .

بمعنى أن الملك فيصل الذي كان يسعى ليكون زعيما للأمة العربية استغل الاخوان لمواجهة وضرب منافسه العبد الخاسر وهيكلة الدولة تعليميا واقتصاديا وصحيا الخ وأخرجوهم من حياة البدو والخيام الى مواكبة العصر ولما توالت السنون جاء عقبه ليسجنوهم ويطردوهم ويتتبعوا آثارهم بالقتل والتحريض !!

المهم نعود للب الموضوع وأقصد مسرحية قطع النفط ..طبعا قرار الجامعة العربية يومها في ظاهره كان مقبولا.. ولكن الحقيقة المغيبة أن هذا كان في صالح أمريكا وكانت المستفيد الأكبر .. كيف؟

في عام 1971 قرر نيكسون رفع الغطاء الذهبي عن الدولار..ومن ثم أصبح الدولار الذي هو عملة عالمية عبارة عن ورقة ملونة (الأخضر) بلا قيمة...فشل الاقتصاد وأصيب بالعجز والخلل في مدفوعاته .. فكان البديل كعملية انقاذ هو منع تداول البترول (مسرحية قطع النفط) علميا بعملة سوى الدولار.. وهو ما عرف بسياسية البترودولار التي رفعت من قيمة الدولار حتى غدا العملة الاحتياطية الأولى في العالم..فتحسن موقف الدولار مقابل تراجع عملات أوربا واليابان واضعاف اقتصاداتها لصالح أمريكا التي انتعش اقتصادها بشكل غير مسبوق .

ارتفع سعر برميل النفط بعد المسرحية فازداد الطلب على الدولار وبالتالي ارتفعت قيمته في السوق لازدياد الطلب عليه.. بل وأكثر من هذا قامت أمريكا بطبع أوراق مالية جديدة (دولارات) دون أن يكلفها الأمر سوى مجرد ورق وأحبار الطباعة.. فبلغت أرباح الشركات الامريكية بعد رفع سعر البترول أي بعد المسرحية 420 مليار دولار ففي مقابل كل دولار صافي ربح كانت تحصل عليه السعودية مثلا كانت أمريكا تحصل على 7 دولارات .

فالحاصل أن فيصل كان منفذا لخطة أمريكية حازت منها على كثير من الفوائد فأي مشتر أو مستورد لنفط المسلمين سيحتاج أولا لشراء الدولارات مما يضمن الطلب العالمي القوي على العملة الأمريكية وحاز من ورائها فيصل لقب زعيم العرب وقائد معارك البترول ...

الملك العادل فيصل وقطعه النفط عن الغرب