كلمة في مشروع الإصلاح
لكي يكون الإصلاح واقفا على أساس قوي متين ويعطي ثماره المرجوة منه، لا ينبغي أن نقفز على الحقائق، لأن القفز على الحقائق والواقع سيضر بالإصلاح نفسه ويُتهم في مقصوده.
شباب الصحوة الإسلامية في المغرب في العقود الماضية لم يجدوا في علماء بلدهم إلا ما ينفرهم من دينهم إلا القليل القليل الذي يكاد يكون شبه منعدم لضعف صوته؛ إذ لا يصل صوته إلى عموم الناس لأسباب معلومة، فالشباب وجدوا معظم من يشتغل بالعلم يؤيد الفكر القبوري، ويدعم السلوك الصوفي الخرافي، ويتهاون في إظهار السنة الظاهرة والحرص على نشر البدعة، ولا يربط الناس بنور الوحي في العمل، إنما قال فلان وعلان.. وشتان عند السامع بين قال الله ورسوله وقال فلان وعلان، مع أن اللوم ليس على فلان وعلان، وإنما على من لم يظهر دليل فلان وعلان؛ فهو ايضا يرتكز على الوحي، والناس في حاجة ماسة إلى سماع الوحي وربطهم بالوحي.
من الأمثلة التي تقرب ما أدندن حوله ما وقع للشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله، كيف كان قبل رحلته من المغرب إلى المشرق، ووكيف عاد بعد عودته من المشرق إلى المغرب.
فلا لوم على الشباب المغاربي إذا وجدوا بعض ما يحتاجون إليه عند المشارقة، ولا ذنب للمشارقة إذا قدموا ما عندهم بأسلوب مقبول.
لا يعني هذا أن ما قام به المشارقة كله مقبول، ولكن الواقع لا ينبغي أن يفسر من خلال النظر الى نافذة واحدة، وهو انه لولا المال وكيد المستعمر الغربي لما كان لفكر المشرق المعاصر وجود في المغرب، ولولا المال لما كان لفكر ابن تيمية وجود، فكر ابن تيمية وجد وانتشر بين الناس اليوم لأنه يحمل عناصر الحياة، فالمال وحده لا يصنع عالما مجتهدا ومجددا.
نحتاج اليوم أو يحتاج شباب الصحوة الإسلامية إلى أن ينتقل إلى مرحلة أخرى، وننتقل ونحن نستحضر واقعنا وما وقع لنا ، ندعو إلى التزام بمذهب معين في الفقه، وحينما نقول هذا الكلام ونحن مغاربة فيعني ذلك المذهب المالكي، لأن ذلك من شأنه أن يعيننا على فهم ديننا فهما أعمق ونطبقه تطبيقا أسلم ويوحد بيننا أكثر، نلتزمه بفقه الدليل.
نحتاج اليوم إلى بناء العقيدة بمنهج القرآن وأسلوبه، نركز على ما ركز عليه القرآن؛ نركز على توحيد الربوبية الألوهية كما فعل القرآن بأسلوب القرآن، وهذا من شأنه أن يوحد بيننا وأن يدفعنا نحو العمل وتطبيق مقتضيات التوحيد، معركتنا اليوم مع من أراد أن يُنصب الإنسان في مقام الله في باب التشريع وباسم الدين !؟...
و لا نشتغل بأسماء الله وصفاته بأسلوب علم الكلام وطريقته، بل بأسلوب القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ لان علم الكلام هو سلاح أوجده من أوجده للدفاع عن العقيدة ( لست الآن في مقام تقييمه)، إلا أنه سلاح قديم لم يعد ينفع الآن، نحتاج الآن أن ندافع عن العقيدة في ضوء شبه العصر، نحتاج الى علم الكلام عصري قادر على مواجهة الإلحاد، لا يوقعنا في أخطاء السابقين ويجنبنا الخوض في معارك قديمة ونشغل بها الناس دون جدوى.
ما نحتاج إليه كثير ، ولكن لابد من وضوح الرؤية؛ ماذا نريد ؟ وبماذا نبدأ؟
نحتاج الى عقيدة توحدنا، ولا سبيل إلى ذلك إلا التزام منهج القرآن الكريم في بيان المعتقدات وفي أسلوبه.
ونحتاج إلى فقه عملي يوحدنا ويدفع عنا التفرقة ويجنبنا اللعب بالدين، فالكل أصبح مجتهدا نظارا.
الدكتور : رشيد بنكيران.
التعليقات على الموضوع